كيف تفسر ظاهرة المواسم بصورة مبسطة؟

يمكن العثور على الإجابة في العديد من الكتب ولكنها ليست سهلة على الجميع!
الخطأ الذي ينبغي تفاديه، هو الاعتقاد بأن المواسم تنتج عن تغير المسافة بين الأرض والشمس. بالطبع تتغير تلك المسافة لأن المسار ليس دائريا، وإنما بيضويا، علاوة على أن الشمس لا تقع بالمركز، وإنما بمكان حائد عن المركز يطلق عليه البؤرة. ولكن هذا التغير في المسافة صغير جدا وغير كاف لشرح ظاهرة المواسم؟ بالإضافة إلى أن هذا التغير صحيح بالنسبة لنصف الكرة الجنوبي وليس لنصف الكرة الشمالي: عندما تكون الأرض أقرب ما تكون من الشمس، يكون فصل الصيف في نصف الكرة الجنوبي وفصل الشتاء في نصف الكرة الشمالي. فإذا كان السبب وراء تعاقب الفصول، هو ذلك التغير في المسافة، فكان ينبغي أن يعم نفس الفصل على نصفي الكرة الأرضية!
إن الشرح الصحيح يأتي من ميل محور الأرض بالنسبة لمستوى مدارها (مستوى يطلق عليه كذلك فلك البروج)، أي إنه ليس عموديا على هذا المستوى، وإنما توجد زاوية مقدارها ٢٣º مع العمودي عليه. والواقع الآخر المهم، هو أنه تبعا لقواعد الميكانيكا فهو يحتفظ باتجاهه شبه ثابتا بالنسبة للنجوم خلال حركة الأرض حول الشمس (هذا الاتجاه تقريبا هو بالمصادفة اتجاه نجم تراه العين المجردة يطلق عليه النجم القطبي). في الواقع، يتغير هذا الاتجاه ببطء شديد، ولكن هذا التغيير غير محسوس على مستوى الإنسان (يرسم المحور مخروطا على مدار ٢٦٠٠٠ سنة). لذا يمكن التغاضي عنه في حالة الفترات القصيرة. وبواسطة الرسم، ندرك جيدا أنه عند نقطة معينة من المسار، يشير محور الأرض إلى الشمس من جهة الشمال، ولكن في الاتجاه المعاكس من جهة الجنوب. ولهذا نصل إلى نتيجتين مهمتين: فبالنسبة لسكان نصف الكرة الشمالي، يدوم النهار لأطول مدة من جانب، ومن جانب آخر تكون الشمس أعلى في السماء بكل ساعة من ساعات النهار، مما يرفع من درجة حرارة الأرض. والوضع معاكس في نصف الكرة الجنوبي. وبالتالي يكون انقلاب الشمس الصيفي في نصف الكرة الشمالي والشتائي في نصف الكرة الجنوبي (٢١ يونيو). وبالعكس، عند النقطة المقابلة بالمدار، يشير المحور في اتجاه الشمس بالجنوب وفي الاتجاه المعاكس في الشمال. وبالتالي يكون انقلاب الشمس الشتائي بالشمال، والصيفي بالجنوب (٢١ ديسمبر). وبين الاثنين، يوجد موضوعان يكون فيهما المحور عموديا على الخط بين الأرض والشمس: وهما اعتدال الربيع والخريف الذي يكون فيهما طول الليل والنهار متساويا (١٢ ساعة) بكل مكان على الأرض. وبالتالي يتم تعريف الصيف على أنه الفترة التي تفصل بين انقلاب الشمس الصيفي واعتدال الخريف، والخريف يفصل بين اعتدال الربيع أو الخريف وانقلاب الشمس الشتائي...إلخ. في الواقع يكون طول النهار متساويا من جهة، ومن أخرى للمنقلب، وبالتالي في فصلي الربيع أو الصيف يتعدى طول النهار ١٢ ساعة، وفي فصلي الخريف والشتاء يقل طوله عن ١٢ ساعة. يكون الجو حارا في فصل الصيف عن فصل الربيع، لأن الحرارة تكون قد تراكمت خلال فترة أطول، وبالعكس يكون الجو في فصل الشتاء أبرد من الخريف.
ها هو، تفسير مبسط برسم، وهو موجود بكل كتب تبسيط علم الفلك!

في بادئ الأمر، أصر على أن يتخلص الأطفال من فكرة بسيطة لاصقة وخاطئة: لا دخل للمسافة بين الأرض والشمس في تعاقب الشتاء والصيف. يجب أن يكون قرب دورة الألعاب الأولمبية بسيدني، قد جعلهم يدركون مدى سخافة هذا التوكيد، فلقد كان الربيع بمنتصف شهر سبتمبر و"الألعاب الصيفية" باستراليا، بينما عندنا كان فصل الخريف والشتاء على الأبواب. وبالتالي صيف في نصف الكرة الجنوبي = شتاء في نصف الكرة الشمالي، والعكس صحيح. وهكذا يصبح من الواضح أن المسافة بين كوكب الأرض والشمس لا يمكن أن تكون هي التفسير، علاوة إلى تمثيل الإهليج دائما بيضاويا ممدودا جدا، بينما هو في الحقيقة شبة دائري. إن السبب وراء تعاقب الفصول على الأرض هو ميل الكوكب عن محوره بزاوية ٢٣º تقريبا، بالنسبة لمسطح دائرة البروج وهو المسطح المتوسط الذي يتضمن كل المجموعة الشمسية. فإذا كان المحور عموديا على المسطح، فلم يكن لتوجد تغيرات موسمية لمتوسط الإشماس. لنبدأ بالنظر إلى ما يحدث بالقطبين: تناول كرة أرضية (وهي إذا مائلة على الحامل) + لمبة موضوعة على بعد إلى حد ما حيث تمثل الشمس، وانظر إلى إضاءة القطبين خلال دوران الأرض حول الشمس. يوجد موضع يكون فيه القطب الشمالي مضاءا تماما (فلا يأتي الليل خلال دوران الأرض حول نفسها)، ويكون القطب الجنوبي فيه في الظلام؛ وموضع آخر يكون فيه الحال بالعكس، حيث نجد على التوالي مواقف يكون فيها فصل الصيف في نصف الكرة الشمالي ثم الجنوبي (تأكد من أنه لو كان المحور عموديا، فلن يكون هذا هو الحال). ثم للتطرق بعد ذلك إلى مواقف المناطق المعتدلة، فمن الصعب النظر إليها دفعة واحدة على الكرة الأرضية. ينبغي أن نشرح للأطفال أن الفصول تأتي من النشر الضخم لنفس مقدار الطاقة الشمسية (= ضوء + حرارة) على منطقة من الكوكب. لذا، ضع ضوء الشمس عند أحد جانبي أنبوب Sopalin فارغ، سوف يخرج من الجانب الآخر مقدار معين من الطاقة الشمسية. فإذا وضعنا عند المنفذ ورقة مربعات، سوف نتمكن من عد المربعات المضاءة وبالتالي انبساط ضوء الشمس. سيكون عدد المربعات المضاءة على ورقة موضوعة عموديا على محور الأنبوب أقل من عدد المربعات على ورقة مائلة بشدة (القيام بعدها): في الحالة الأولى، يكون "الجو أكثر سخونة بالمربع الواحد" عن الحالة الثانية. ما أن يتم استيعاب ذلك، نعود إلى الكرة الأرضية المضاءة ونضع ممحاة على مكان بلدنا ونقوم بإدارة الكرة الأرضية حول الضوء لمحاكاة السنة، وأخيرا، بالنسبة لبعض المواضع، نقوم بإدارة الكرة الأرضية حول نفسها لمحاكاة الليل والنهار، فنلاحظ وجود موضع يكون فيه الجو أسخن بالنسبة للممحاة (= صيف)، وأن بالنسبة لهذا الموضع يكون النهار أطول من الليل، ووجود موضع آخر يكون الجو فيه أقل سخونة بالنسبة للممحاة (= شتاء)، وبهذا الموضع يكون النهار أقصر من الليل. لن يواجه الأطفال صعوبة في تقبل المواقف المتوسطة (= الربيع والخريف) وكذلك مقابلة نصفي الكرة الشمالي والجنوبي، إذا تم مماثلة الخطوات السابقة. هل فسر ذلك الفصول ببساطة؟ لا أدري، ولكن هذه في رأيي يعد وسيلة حتى يتذكروا المبدأ الأساسي الذي يحكم الفصول على سطح الأرض. ويمكن التوسع فيما بعد ووضع الممحاة على مدار (خط عرض ٢٣º)، وملاحظة عدم تغير أي شئ (لا فيما يتعلق بالإضاءة، ولا فيما يتعلق بتعاقب الليل والنهار) عندما تدور الأرض حول الشمس، إن على خط الاستواء مثله مثل عند المدار تقريبا، مقارنة نصفي الكرة الشمالي والجنوبي ...إلخ. ولا تنم الأمطار والدلائل الأخرى على تغير الفصول إلى مجال الفيزيائي الفلكي، وإنما إلى الجغرافي